أبرز ما جاء في كلمتي خلال مأدبة عشاء أقمتها على شرف نائب مساعد الرئيس والمدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي الدكتور سيباستيان غوركا، ووكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية السيد جون هيرلي، والوفد المرافق
أصحاب السعادة، الضيوف الكرام، الأصدقاء الأعزاء،
يسرّني أن أرحب بكم هذا المساء بينما نجتمع لتكريم الدكتور سيباستيان غوركا، نائب مساعد الرئيس والمدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي، والسيد جون ك. هيرلي، وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، إلى جانب زملائهم الموقرين من واشنطن.
نحن ممتنون بعمق لوجودكم في لبنان، وللالتزام الدائم من الولايات المتحدة تجاه بلدنا — شراكة تقوم على السلام والديمقراطية والشفافية وسيادة القانون.
إن انخراطكم من خلال مجلس الأمن القومي ووزارة الخزانة الأميركية يعكس التزام أميركا بتعزيز الأمن والنزاهة المالية والاستقرار الإقليمي — وهما ركيزتا السلام والسيادة.
الدكتور غوركا، إن قيادتكم في مجلس الأمن القومي تجسّد عزم الولايات المتحدة على مواجهة الإرهاب والتطرف العنيف — ليس فقط كتهديد أمني، بل كتحدٍ أخلاقي للسلام وكرامة الإنسان.
كما نُقرّ بالأثر الدائم لسياسة الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط، والتي عززت الأمن الإقليمي، وردعت العدوان، وقدّمت رؤية للسلام قائمة على القوة والوضوح والقيم المشتركة.
السيد هيرلي، إن إدارتكم لمكتب وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية تُكمل هذه المهمة — من خلال ضمان عدم استغلال النظام المالي العالمي من قبل ممولي الإرهاب والفساد وزعزعة الاستقرار.
نُشيد بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة الخزانة الأميركية لتوسيع العقوبات على الأفراد والكيانات المرتبطة بحزب الله وشبكاته المالية. هذه التدابير تعزز لبنان وسيادته من خلال ترسيخ الشفافية والمساءلة وسيادة القانون — وهي مبادئ أساسية لاستعادة الثقة في اقتصادنا وتعزيز السلام الدائم.
نحن نتشارك بالكامل الأولويات التي حددتموها للبنان:
1. مكافحة تداول النقد غير المشروع وشركات الصرافة غير المنظمة؛
2. تنظيم الاقتصاد؛
3. استهداف الكيانات المرتبطة بالإرهاب والمخدرات والكبتاغون؛
4. وتطبيق العقوبات كأداة دقيقة.
هذه ليست أولوياتكم فحسب — بل هي أولوياتنا أيضاً.
إنها ترسم الطريق ذاته نحو الأمام، طريق يتطلب إصلاحاً هيكلياً، ونزاهة مؤسسية، واستعادة كاملة لقدرات الدولة.
ولهذا بالضبط، فإن أجندة الإصلاح في لبنان ترتكز على سبع أولويات أساسية — خارطة طريق تتماشى تماماً مع أهدافكم، وهي ضرورية لإعادة بناء السيادة والاستقرار.
الإصلاح ليس مجرد تمرين تقني — بل هو فعل سيادي.
أولوياتنا الإصلاحية واضحة وتتوافق بشكل وثيق مع أولوياتكم:
1. إعادة هيكلة القطاع المصرفي والمالي — وهي ضرورية لاستعادة صحة النظام المالي اللبناني، والابتعاد عن الاقتصاد النقدي، وإعادة تفعيل الإقراض للقطاع الخاص، وحماية المودعين.
إعادة الهيكلة الكاملة — بما يتماشى مع معايير بازل 3 وصندوق النقد الدولي — يجب أن تضمن رسملة مستدامة، وشفافية، ورقابة مستقلة من خلال إطار موثوق لحل الأزمات المصرفية.
لا يمكن للبنان محاربة الاقتصاد النقدي دون استعادة الثقة في مصارفه.
2. استقرار السياسة النقدية وسعر الصرف — من خلال توحيد سعر الصرف، بدعم من سياسة نقدية منضبطة ومساعدة دولية، لاستعادة الاستقرار، وضبط التضخم، وإعادة بناء الثقة.
3. الحد من الاقتصاد النقدي — يقدّر البنك الدولي أن الاقتصاد النقدي في لبنان بلغ نحو 10 مليارات دولار في عام 2022، أي ما يعادل 45٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
تطبيق إجراءات “اعرف عميلك”، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتقارير الإلزامية، إلى جانب تعزيز المدفوعات الرقمية والشمول المالي، أمر بالغ الأهمية لتعزيز الشفافية وإعادة السيولة إلى الاقتصاد الرسمي.
4. إدارة الحدود وتسهيل التجارة — من خلال اعتماد الجمارك الرقمية، وتفتيش الحاويات، وتبادل البيانات للحد من التهريب، ومواءمة لبنان مع معايير مجموعة العمل المالي ومنظمة الجمارك العالمية.
5. الحوكمة المالية والشفافية — من خلال اعتماد الموازنة الإلكترونية، وتتبع الإنفاق العام، والتدقيق الجنائي لضمان أن كل دولار عام يخدم الصالح العام.
6. نزع سلاح جميع الميليشيات — لا يمكن للدولة السيادية أن تتعايش مع مراكز قوى متعددة.
نزع سلاح حزب الله وجميع الميليشيات أمر حيوي لاستعادة سيادة القانون والوحدة الوطنية.
7. الترسيم الكامل للحدود — استكمال الترسيم مع إسرائيل وسوريا وقبرص سيؤمّن سلامة الأراضي اللبنانية ويساهم في السلام الإقليمي.
تكمن قوة لبنان في تنوعه — التعايش بين الأديان والثقافات الذي يُعرّف هويتنا الوطنية.
حماية جميع الطوائف الدينية والأقليات، لا سيما المجتمع المسيحي، أمر أساسي للحفاظ على فرادة لبنان واستقراره.
نحن ملتزمون بعلاقات سلمية وبنّاءة مع جميع جيراننا، قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون.
لكن السلام الحقيقي يتطلب مواجهة وكلاء إيران، وعلى رأسهم حزب الله، الذي تقوّض هيمنته سيادة لبنان والنظام الإقليمي.
يجب أن يتماشى دعم الجيش اللبناني مع الأهداف الاستراتيجية الأميركية واللبنانية — لمواجهة نفوذ حزب الله، والحد من التغلغل الإيراني، وضمان التنفيذ الكامل للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن.
جيش لبناني قوي وموحد هو حجر الأساس لسيادة لبنان وضامن للسلام في منطقتنا.
الدكتور غوركا والسيد هيرلي، إن وجودكما الليلة يؤكد أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب لبنان — في معركتنا المشتركة ضد الإرهاب والفساد والجريمة المالية، وفي سعينا الجماعي لاستعادة الثقة والسيادة.
مثالكما يذكّرنا بأن السلام والازدهار يعتمدان على الحوكمة الرشيدة، والنزاهة المالية، وسيادة القانون.
نحن نتشارك رؤيتكم لشرق أوسط يقوم على الاستقرار والتعاون، لا على التطرف والانقسام؛ على الشفافية والفرص، لا على الفساد والخوف.
الدكتور غوركا، السيد هيرلي، وزملاؤكما الموقرون، نشكركم على تفانيكم، وشراكتكم، وإيمانكم بإمكانات لبنان.
وقبل أن أختتم، أود أن أُشيد بالقائم بالأعمال السفير كيث هانيغان، وأثني على العمل الاستثنائي الذي تقوم به السفارة الأميركية في لبنان. ففي ظل قيادته، تواصل السفارة تعزيز العلاقات الأميركية–اللبنانية، ودفع أهدافنا المشتركة في السلام والإصلاح والاستقرار.
شكراً لكم، وأهلاً وسهلاً بكم مجدداً.


