كلمتي خلال مأدبة عشاء أقمتها على شرف السفير الأميركي السابق في لبنان دايفيد هيل:
أصحاب السعادة، الضيوف الموقّرون، الأصدقاء الأعزّاء،
يشرفني أن أرحّب بكم هذا المساء ونحن نحتفل بالسفير ديفيد هيل، الصديق الحقيقي للبنان، والمدافع الدؤوب عن السلام والدبلوماسية والتفاهم في منطقتنا.
كما نغتنم هذه المناسبة لنتوجّه بالشكر إلى الولايات المتحدة الأميركية على التزامها الثابت تجاه لبنان لدعمها سيادتنا ومؤسساتنا وشعبنا خلال الأوقات الصعبة. إنّ السفير هيل يجسّد هذا الالتزام، ونحن ممتنّون له على ذلك بعمق.
نلتقي اليوم في لحظة تاريخية مليئة بالإمكانات. إنّ الشرق الأوسط، الذي طالت معاناته من الصراعات، يُظهر أنّ السلام ليس مستحيلاً.
إنّ مبادرة شرم الشيخ للسلام لعام 2025، والجهد الذي تقوده المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، يذكّرانا بأنّ العدالة والحوار والتعاون الدولي ما زال بإمكانها أن تسود. إنّهما يبيّنان لنا أنّ التوافق ممكن حتى في منطقة ممزّقة، وأنّ السلام لا يزال في متناول اليد.
بالنسبة للبنان، فإنّ هذه اللحظة تمثّل في الوقت نفسه فرصة ومسؤولية. فالسلام في الخارج يجب أن يترافق مع الإصلاح في الداخل.
علينا أن نعيد بناء دولتنا على أسس السيادة والشرعية والمساءلة. ويبدأ ذلك بنزع سلاح جميع الميليشيات وتأكيد سلطة الدولة الحصرية في امتلاك السلاح. فلا يمكن لأمّة أن تكون موحّدة فيما سيادتها منقسمة.
كما يجب علينا أن نُنهي الاقتصاد النقدي، ونعيد هيكلة نظامنا المصرفي والمالي، ونستعيد استدامة الدين العام. ومع قضاء قوي ومستقل، ستُسهم هذه التدابير في استعادة الثقة وإرساء أسس الاستقرار الدائم.
كما أنّ استكمال ترسيم حدودنا أمرٌ أساسي أيضًا لأنّ السلام يبدأ بالوضوح، والوضوح يبدأ بحدود محدّدة ومحترمة.
السفير هيل، إنّ تفانيك في خدمة لبنان يُلهمنا جميعًا. فالدبلوماسية ليست مجرد تفاوض، بل هي صبر وأمل، وهي الإيمان بأنّ الأمم قادرة على تجاوز الانقسام.
فلنجدّد الليلة التزامنا بتحويل الأمل إلى استراتيجية، والاستراتيجية إلى سلام.
وليجعل لبنان من نفسه ليس مجرد شاهدٍ على التاريخ، بل شريكًا في صياغة شرق أوسط جديد شرق يقوم على العدالة والحوار والاحترام المتبادل.

